البروباغندا المضادة لدولة الإمارات العربية المتحدة
- مابعد التحالف الاستراتيجي الروسي الصيني - ديسمبر 31, 2020
- الصراع الاستراتيجي في القطب الشمالي - نوفمبر 28, 2020
- مثلث التأثير الجيوسياسي التركي.. الشرق الأوسط-القوقاز-البلقان - نوفمبر 14, 2020
منذ بداية ثورات الربيع العربي ونجد دولة الإمارات العربية المتحدة هي هدف واسع النطاق، لحرب معلوماتية كبيرة، الغرض من هذه الحملة هو تشويه سمعة الإمارات في الساحة الدولية و الإقليمية والهدف أيضًا بناء صورة “العدو” في وجدان سكان المنطقة العربية، لتحقيق ذلك ، يتم استخدام كل ما هو ممكن من قنوات المعلومات، وجميع الوسائط الكلاسيكية والرقمية الموجودة، و زاد الأمر حدة بعد اتفاق التطبيع الأخير بين أبوظبي و تل أبيب.
إذا انتقلنا إلى العشر سنوات الأخيرة، نجد أن دولة وحكومة الإمارات العربية المتحدة تقع تحت تأثير إعلامي سلبي مستمر من جانب قنوات ووسائل إعلام جماعة الإخوان المسلمين وهنا نقصد وسائل إعلام دولة قطر و دولة تركيا.
بشكل عام، في آخر 20 عاما، تطورت عملية استخدام المعلومات والاتصالات السلكية واللاسلكية (التكنولوجيا، الإنترنت)، الأمر الذي أدى إلى ظهور وسائل الإعلام الاجتماعية العالمية التي أصبحت مسرح عمليات منفصل ومستقل.
لسوء الحظ، نتيجة المواجهة الإعلامية، الضحايا الأوائل: كانوا مواطني دولة اليمن وليبيا ومصر وأخيرا تونس، مع فكرة خاطئة مبنية بوضوح عن أن دولة الإمارات تقوم بحياكة عديد من المؤامرات في هذه البلاد من أجل زيادة نفوذها.
الرصاصات الإلكترونية إحدى طرق حرب المعلومات ضد أبوظبى لتصميم صورة العدو
حرب المعلومات ضد أبوظبي، بالإضافة إلى الهجمات المتعلقة بأحداث مهمة في منطقة الخليج العربي أو مع تلك المرتبطة مباشرة بها (الصراع اليمني، الصراع الليبي، أزمة الإخوان في مصر و المقاطعة القطرية و أخيراً قرار التطبيع مع اسرائيل)، أصبحت اليوم أكثر وضوحًا، فهناك عديد من الأنشطة، التي يتم الحفاظ عليها بشكل دائم من خلال تقديم أعمال سلبية على مستوى عال إلى حد ما، ويتحقق ذلك من خلال حشو إيقاعي دوري، متمثل في “الأخبار الكاذبة” حول الدور الإماراتي في هذه الصراعات و حول أهداف قرار التطبيع.
قيمة وأهمية هذا الموضوع الذي نحن بصدده، هو أنه باستخدام التوزيع المزيف للأخبار حول الدور الإماراتي على شبكات التواصل الاجتماعي و أهم هذه الشبكات (تويتر)، من خلال هاشتاجات معينة، مصمم من أجل تقديم دولة الإمارات العربية ومواطنيها بصورة “العدو”.
في إطار هذه الموضوع ندرس إحدى طرق حرب المعلومات – “تصميم صورة العدو”، تُفهم حروب المعلومات على أنها “معالجة هادفة وواسعة النطاق للمعاني: الخلق والتدمير والتعديل والفرض وحجب حاملي المعاني من خلال وسائل المعلومات لتحقيق الأهداف”.
واحدة من أكثر الأساليب فعالية اليوم هي بناء صورة العدو، وإن صورة العدو تبرر “الخطاب المعادي” لدولة واحدة وتشويه سمعة “بلد العدو” في نظر سكان المنطقة العربية، تحتوي هذه العملية على العديد من أشكال العمل بالمعاني:
• خلق المعلومات الكاذبة؛
• نشر هذه المعلومات على أوسع نطاق.
• خلق شعور معادي للدولة التي تقع كهدف لهذه الحرب.
من خلال هذه الأدوات، نجد أن في الدول العربية و من خلال وسائل الإعلام القطرية و التركية يتم تشكيل صورة سلبية لدولة الإمارات، ثم إدخالها في وعي سكان المنطقة، وهكذا، يتم تشكيل رأي سلبي للجمهور العربي فيما يتعلق بسياسة دولة الإمارات و قياداتها.
مراحل عملية تشكيل “صورة العدو”:
1- بناء صورة الإمارات العربية كعدو في وسائل الإعلام العربية و الدولية ووسائل التواصل الاجتماعي.
2- تكوين الرأي العام السلبي للسكان في المنطقة فيما يتعلق بسياسات دولة الإمارات ككل.
3- محاولة تصدير “صورة العدو” للداخل الإماراتي من خلال وسائل التواصل الاجتماعي.
4- محاولة تكوين الرأي العام السلبي لسكان دولة الإمارات فيما يتعلق بقيادة البلاد( لكن هذا مستحيل من وجهة نظرنا، لكن يجب الوقوف ضده على كل الأحوال).
قمنا بتحليل وسائل التواصل الاجتماعي باللغة العربية وخلاصة موقع تويتر باللغة العربية، فتم اختيار موقع Twitter لأنها الخدمة ذات الاستجابة الأسرع للأحداث الاجتماعية والسياسية الحالية ، والتي تعكس بدقة حالة مجال المعلومات ككل.
في التحليل الأولي تم تسليط الضوء على الهاشتاجات التي كانت تستخدمها غالبًا حسابات Twitter في الرسائل التي تتهم الإمارات في الملف المصري والليبي واليمني و السوداني وملف التطبيع. ثم تم تحليل تدفق المعلومات من عام 2015 إلى وقتنا الحالي:
نجد أن كل الحسابات التابعة إلى جماعة الإخوان ودولة قطر وتركيا تقوم باستخدام هاشتاجات مسيئة للدور الإماراتي وحتى هناك حسابات داخل دول صديقة للإمارات مثل مصر و المملكة السعودية تقوم بدور محاولة التأثير السلبي على علاقات أبوظبي الثنائية مع هذه الدول، نتذكر هاشتاج مصري مسيء لدولة الإمارات في عالم 2015 و هاشتاج سعودي أخير «الإمارات تقصف الشرعية» الذي انتشر بعد دقائق من اتهام حكومة اليمن لطائرات إماراتية بقصف تمركزات قواتها المتواجدة في عدن، وتسهيل الطريق لقوات جنوب اليمن لإعادة السيطرة على مناطق بالجنوب، أيضًا العديد من الحملات الإعلامية الصادرة من هذه القوى، مثال: حملة مقاطعة المنتجات الإماراتية سواء في اليمن أو في ليبيا أخيرًا، تؤدي إلى نفس الصورة السلبية. كما أن الفترة الأخيرة بعد قرار التطبيع مع اسرائيل تم اطلاق هاشتاجات: “التطبيع خيانة”، ثم “خليجيون ضد التطبيع” و غيرها.
سقوط الإخوان في مصر كان نقطة البداية لتشويه صورة الإمارات في المنطقة واعتبارها عدوة للشعوب
بتحليل توزيع الأخبار السلبية التي تظهر دولة الإمارات بشكل سيء، نجد أن عملية بناء «صورة العدو» قد بدأت بنشاط من النصف الثاني من عام 2013 بعد بداية التخلص من نظام الإخوان المسلمين في مصر، و تصدير صورة أن دولة الإمارات ساعدت الجيش المصري ماليًا من لأجل التخلص منهم، و زادت حدة هذه الأخبار مع اشتراك دولة الإمارات في التحالف العربي المحارب في اليمن ثم قرار التطبيع.
في البداية، جذب مؤلفو هذه الأخبار والهاشتاجات جمهورًا فقط في سياق الأحداث الجارية مثل اليمن وليبيا ومصر، والاستراتيجية الرئيسية كانت اتهامات بالعدوان، خلال هذه الفترة ، كان هناك عدد من التقارير التي تتهم أبوظبي بالتدخل في القضايا السياسية الداخلية لدول مختلفة.
وكان الناشرون الرئيسيون للمعلومات وكالات الأنباء التابعة للدولة القطرية والتركية وكل وسائل الإعلام التابعة لجماعة الاخوان المسلمين، و كل المنشورات والأخبار التي تتضمن اتهامات غير مؤكدة لأبوظبي بالتدخل في شؤون الدول العربية موجودة باستمرار سواء على صفحات التواصل الاجتماعي أو صفحات وكالات الأنباء التابعة للدولتين.
أمثلة على هذه الأخبار و الهاشتاجات:
كما أوضحنا في مراحل تكوين «صورة العدو» فإن الهدف الأساسي لهذه الحرب هو محاولة الوصول إلى الداخل الإماراتي و محاولة خلق صورة سلبية في أذهان سكانه تجاه القيادة (بالرغم من صعوبة حصول ذلك واستحالته)، فقد وجدنا استراتيجية واضحة سواء من جانب قناة مثل (الشرق الإخوانية المتواجدة في تركيا) و مقدم برنامج «مع معتز مطر» لتصدير صورة أن هناك عمليات قبض وتنكيل سياسي ببعض الشخصيات، و أيضا موقع ( إمارات لييكس) والذي يبث أخبار عديدة سلبية كاذبة (فقد تم إنشاءه من أجل هذا الهدف) يستهدف أيضا الداخل الإماراتي.
الأطراف المعادية للدولة الإماراتية دشنت موقع (إمارات لييكس) لبث الأخبار السلبية والكاذبة في الشأن الإماراتي
الأمر المهم هنا أيضًا أن الحرب المعلوماتية ضد دولة الإمارات و قياداتها، لا تقتصر فقط على تقديم صورة سلبية ومعلومات مغلوطة، وإنما تعمل على تشويه كل الأمور الإيجابية ( هي عديدة و كثيرة جدا) تقوم بها دولة الإمارات، و لنا مثال أخير هنا و هذا المثال متعلق ببرنامج (قلبي اطمأن) الذي أذيع في رمضان الماضي، فبعد أن صنع هذا البرنامج و مقدمه فرحة غير عادية في قلوب ملايين من الشعوب العربية، قامت القنوات الخاصة بجماعة الإخوان في اليوتيوب بصناعة عشرات من المحتويات الإعلامية التي تحاول تشوية نتائج هذا البرنامج الطيبة، و ذلك باستخدامها فرضية أن (غيث (مقدم البرنامج) لا يظهر وجهه ولكن يظهر علم الإمارات على حقيبته وعلى التيشيرت الذي يرتديه) وذلك من أجل إظهار الفضل الإماراتي على شعوب العرب الفقيرة، بالطبع لم يلاقوا أي نجاح في تشويه صورة برنامج “قلبي اطمأن” و لكن ما يهمنا هو محاولاتهم الدائمة في تشويه أي نجاح أو تقديم صور سلبية و كاذبة.
ختام:
تظهر نتائج مراقبتنا في الفترة الأخيرة لمواقع التواصل الاجتماعي ووكالات الأنباء التابعة لدولتي قطر وتركيا بوضوح، أن هناك حرب معلومات واسعة النطاق، من خلال مراحل التنفيذ والغرض العام لهذه الحرب المتمثلة في (التأثير على صداقات دولة الإمارات و قياداتها مع بعض الدول العربية و الوصول إلى خلق صورة سلبية لدى سكان الدولة ضد قياداتها” و هذا هو الغرض الأهم لها”) .
توصيات:
في البروباغندا المضادة يتم استخدام تقنية التكرار المستمر و الحملات الإعلامية المضادة، التي تعتمد على فكرة كرة الثلج، فتأخذ خبرا حقيقيا أو نصف حقيقي و تنسج حوله موضوعات تضر بمصالح الدولة الإماراتية.
و بسبب ثغرات نفسية في الرأي العام العربي، فتكبر هذه الحملة وتجتذب أكبر عدد مستخدمة اغراء لعقول الشعوب العربية باستغلالها للعاطفة والغريزة، خصوصًا في الدول التي تتواجد بها أزمات. فتستغل أنبل العواطف لإخراج أسوء الغرائز.
من أجل الوقوف ضد حملات البروباغندا المضادة لدولة الإمارات العربية المتحدة، يجب دراسة كيف تورط ضحايا الحملات الإعلامية و كيف تم اللعب في عقولهم؟، و عند الدراسة سنجد أن تم استخدام العاطفة من أجل اجتذاب أكبر عدد من المستجيبين لهذه الحملات، لذلك من أجل تخريب النتائج التي تم الحصول عليها من جانب القائمين على هذه الحملات يجب استخدام العاطفة أيضا و لا يجب استخدام العقل، فلقد تم كسب هؤلاء المستجيبين بالعاطفة و طريقة استرجاعهم يجب أن تتم بنفس الطريقة.
مقدمو برامج التوك شو فقدوا المصداقية بين الشعوب العربية وإنتاج الدراما الأفضل في مخاطبة وجدان الشعوب العربية
فبرامج التوك شو لا تستطيع الوصول إلى النتائج المرجوة، خصوصا وأن معظم القائمين على برامج التوك شو مكروهين شعبيا لأسباب كثيرة، و لنا مثال في الدولة المصرية (أحمد موسى، عمرو أديب، لميس الحديدي، نشأت الديهي وغيرهم) لا يستقبل الشعب المصري أي معلومات نهائيًا منهم حتى وإن كانوا يقولون الحقيقة.
ولكن إنتاج مسلسلات وأفلام مهم جدا فالانفعال مهم اللعب عليه، من خلال محاولة اظهار أن الأخر (تركيا و قطر والإخوان) نصاب، فتجربة مسلسل “الاختيار” المصري الأخير أثبتت نجاح منقطع النظير في التأثير على وجدان معظم الشعب المصري، كما أن تجربة برنامج (قلبي اطمأن) الإماراتي كان له إثر غير طبيعي على ملايين المصريين و العرب. فكل المشاريع الاعلامية البعيدة عن العقل و التي تهتم بالعاطفة لديها تأثير جبار ايجابي.
فلو نظرنا إلى التجربة التركية في آخر 15 عاما في الحصول على عدد كبير من المريدين داخل الدول العربية، نجد أن المسألة الخاصة بالمسلسلات التركية بدأت بالحب (العديد من المسلسلات التركية عندما بدأت كانت متصلة بالحب والعواطف: الأمر الذي أدى إلى تصوير الشاب التركي كبطل في عيون ملايين من الفتيات العربية) و بعد ذلك و جدنا أن هناك وتيرة جديدة داخل محتوى هذه المسلسلات فكانت تنطوي على قصص بوليسية وبطولات استخبارية تركية الأمر الذي عزز من صورة البطل التركي، الأمر الذي أدى بالنهاية إلى تقديم مسلسلات تاريخية تخدم السياسة التركية الحالية، فأصبحت تركيا و شبابها وأبطالها في مخيلة العرب وخصوصا الفتيات هم الأفضل، الأمر الذي جعلهم فريسة سهلة لحرب البروباغندا الحالية ضد دولة الإمارات التي تمثل عظمة في حلق السياسة التركية.
الحل في إنشاء فرق إليكترونية مدربة ومؤهلة للرد على الهاشتاجات المسيئة للإمارات في وقتها دون معرفة انتمائهم
المعركة التي نحن بصددها هي معركة قلوب و ليست معركة عقول، لذلك عند الرد على أي أخبار مزيفة وكاذبة ضد الدولة الإماراتية يستحسن بكل سرعة الرد على هذه الأكاذيب و السرعة هي الأهم و فهم عقلية من يكتب هذه الهاشتجات، لأنه إذا تأخر الرد سيكون من الصعب التأثير على قلوب من تلقى هذه المعلومات الكاذبة، و يجب أن يكون الرد من خلال نفس الوسائل ليس عن طريق قنوات حكومية تابعة للدولة و لكن عن طريق فرق إليكترونية مدربة (لا أحد يعلم انتمائها).
يُستحسن استخدام تقنية «الستوري تيلينج»، فلا يمكن وضع الخبر بتجريد، لكن يجب حكاية الخبر بشكل أدبي للجذب، والأهم اختيار شخصيات يتعاطف معها الجمهور و ليس شخصيات يكرهها الجمهور.